فن برس

بعد نسخة نتفليكس وما صاحبها من جدل.. زاهي حواس يشارك بفيلم وثائقي عن كليوباترا

يشارك عالم الآثار والمصريات ووزير الدولة السابق لشؤون الآثار زاهي حواس في فيلم وثائقي تم إطلاقه على منصة يوتيوب بعنوان "كليوباترا"، وذلك مع مجموعة من علماء المصريات (Egyptology) من جنسيات مختلفة.

فيلم "كليوباترا" (CLEOPATRA) يمتد لمدة ساعة و26 دقيقة، وبدأ عرضه بالفعل على يوتيوب اعتبارا من أمس الأربعاء بصورة مجانية، وهو من إخراج "كيرتس رايان وودسايد" (Curtis Ryan Woodside)، وقد سجّل 42 ألف مشاهدة خلال الساعات الأولى من عرضه.

اقرأ ايضـــــــاً :

 

ويأتي هذا الفيلم ردا على بث شبكة "نتفليكس" (Netflix) فيلما وثائقيا عن الملكة كليوباترا، مما أثار انتقادات وجدلا عبر المنصات المصرية، وذلك بسبب إظهار الملكة التي حكمت مصر وذات الأصول اليونانية ببشرة سمراء، وقد عُدّ ذلك تزييفا للتاريخ.

وتعرّض الوثائقي لهجوم واسع من الجمهور المصري لكون شكل الملكة كليوباترا في المسلسل يتوافق مع ما تروّج له "حركة الأفرو سنتريزم" (Afrocentrism)‏ المتعصبة للعرق الأسود، إذ تزعم أن أصل الحضارة المصرية أفريقي.

كليوباترا الحقيقية ويستكشف الفيلم تبعًا لمنشور المخرج عنه "كليوباترا الحقيقية، الشخصية التي لا يزال اسمها يحمل الكثير من الدلالات في أذهان ملايين البشر، ويؤكد أنها ابنة لعائلة مقدونية يونانية كبيرة، وكان عليها القتال وحتى القتل من أجل ضمان مكانها على العرش".

وطبقًا للفيلم الوثائقي، فقد تركت الملكة بصماتها في الأيام الأخيرة من مصر القديمة، وتم تشويه قصتها كثيرًا عبر التاريخ، بدءًا من الآراء المتطرفة حول حياتها الخاصة إلى المديح الشديد وغير المستند على دلائل حقيقية، ويستكشف من كانت حقًا؟ فكل شخص لديه رأي مختلف، لكن معظم هذه الآراء تستند إلى الأفلام والكتابات المسرحية المضللة.

ويجمع الفيلم بين المشاهد المصورة في المعابد المصرية، ويظهر فيها المخرج نفسه مع تعليق صوتي، واللقاءات التي عقدها مع علماء المصريات، ومنهم حواس الذي تم استخدام تقنية الاتصالات بالفيديو عبر تطبيقات الإنترنت للتسجيل معه وتوضيح اللبس حول الشخصية وأصولها.

وشارك عدد كبير من الأشخاص بتعليقاتهم على الفيلم شاكرين المخرج الذي استخدم حسابه الخاص على موقع يوتيوب في تقديم الحقيقة حول الملكة المقدونية الراحلة وعلاقتها بمصر القديمة.

وألقى حواس -الذي يقيم في الوقت الحالي في مدينة سياتل الأميركية- محاضرة تشجيعية للسياحة المصرية، ضمن 23 محاضرة في مدن مختلفة بالولايات المتحدة.

وفي لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وقف مجموعة من أصحاب الأصول الأفريقية حاملين لافتات مناهضة له ولمحاضراته، مصممين على أن الحضارة الفرعونية تم الاستيلاء عليها وأنها ذات أصول أفريقية سمراء لا مصرية.

وأكد حواس وجود بعض المعلومات التاريخية غير الصحيحة حول "المركزية الأفريقية" (Afrocentrism)، وشجع على إنتاج فيلم تسجيلي على مستوى عال من الناحية الفنية يُعرض على شبكة نتفليكس نفسها كوجهة نظر مضادة للمسلسل الوثائقي الذي يُعرض في الوقت الحالي.

"كليوباترا" نتفليكس على جانب آخر، بدأ عرض مسلسل "كليوباترا" الوثائقي اعتبارا من أمس الأربعاء، وهو يتكون من 4 حلقات مدة كل واحدة منها حوالي 45 دقيقة، ومن نوع "الدوكيودراما" (Docudrama)، وهو نوع هجين يتم فيه تمثيل الأحداث الفعلية والحقيقية عبر وسيط مثل الفيلم أو التلفزيون أو الراديو، ويقوم بإعادة تمثيل درامي للأحداث الفعلية، قد يتكون طاقمه بالكامل من ممثلين يقومون بإعادة إنشاء الأحداث الموثقة، أو (في حالة الفيلم الدرامي الوثائقي التلفزيوني) قد يجمع ذلك مع لقطات معاصرة للأحداث نفسها.

ويعتبر "كليوباترا" الموسم الثاني من المسلسل الأميركي "الملكة الأفريقية"، وهو يركز في كل موسم على واحدة من ملكات القارة الأفريقية، وهو من إنتاج "جادا بينكيت سميث" ويعرض إعادة تمثيل تاريخية درامية ومقابلات مع خبراء، غطى الموسم الأول الملكة "نجينجا"، ملكة ندونغو وماتامبا، بينما الموسم الثاني يركز على "كليوباترا".

وأثار المسلسل حالة من الجدل منذ الإعلان الترويجي عنه، واتهم ناشطون الشبكة بمحاولة تزييف تاريخ مصر القديم وتزوير المعطيات التاريخية الثابتة، ووصفوا ما قامت به بأنه محاولة لسرقة تاريخ مصر وحضارتها ونسبتها لحضارات أخرى.

وخرج عدد من الأكاديميين المصريين منهم "زاهي حواس" مؤكدين أن الملكة -التي ولدت في مدينة الإسكندرية المصرية عام 69 قبل الميلاد- انتمت إلى سلالة ناطقة باليونانية، وكانت من أصول أوروبية وليست أفريقية.

وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع بأن كليوباترا تنحدر من أصول مصرية، فإن الواقع يشير إلى أنها كانت تنتمي لأسرة بطليموس المقدونية التي تنحدر من نسل أحد جنرالات الإسكندر الأكبر، وهو بطليموس الأول.

أصول ومهارات ولا يعني هذا الأمر أنها كانت من أصول يونانية فقط، بل إنها كانت أيضا تتحدث اللغة اليونانية ومطلعة على عادات اليونانيين.

وحكمت أسرة بطليموس مصر 300 سنة، بعد أن اعتلى بطليموس الأول العرش إثر وفاة الإسكندر الأكبر في سنة 323 قبل الميلاد.

وفضلا عن اللغة اليونانية، كانت كليوباترا تتحدث لغات الأمم المجاورة لمصر، وكانت الوحيدة ضمن نسل بطليموس التي اهتمت بتعلم لغة المصريين القدامى، وكانت ترتدي الملابس التقليدية وتشارك في الاحتفالات والمراسم المصرية، وهو ما أكسبها شعبية وسط العامة بغض النظر عن أصولها الأجنبية.

ليس هناك شك بين العلماء في أن كليوباترا كانت يونانية مقدونية من جانب والدها بطليموس الثاني عشر. ولكن بما أن الأصل العرقي لأمها غير معروف، يقول بعض المؤرخين إنه من الممكن أن تكون والدة الملكة مصرية أفريقية، ومن ثم من الممكن أن تكون ذات نسب مختلط، وهي النظرية التي اعتمد عليها المسلسل ومنتجته "جادا بينكيت سميث".

حركة وامتداد ويعتبر المسلسل التابع لمنصة نتفليكس امتدادًا لـ"المركزية الأفريقية"، وهي حركة ثقافية وسياسية، يعتبر أتباعها -من الأميركيين من أصل أفريقي- أنفسهم وجميع السود الآخرين أفارقة، ويعتقدون أن نظرتهم للعالم يجب أن تعكس القيم الأفريقية التقليدية بشكل إيجابي، ومن وجهة نظر المؤمنين بهذه النظرية أن الحضارة المصرية القديمة مبنية على أيدي أجدادهم.

وانتشر وسم (EgyptforEgyptians) في مصر ردا على المسلسل، حيث وضع المصريون وجوههم جنبًا إلى جنب مع وجوه المصريين القدماء، بينما دافعت المخرجة تينا غرافي عن اختيار الممثلة قائلة: "أثناء إجراء البحث، أدركت ما هو التأثير السياسي الذي سيؤدي إليه اختيار ممثلة سوداء لكليوباترا". وفي وقت سابق، ذكر منتجو المسلسل في مقالة على موقع نتفليكس أن "إثنية كليوباترا ليست محور تركيز المسلسل، لكننا قررنا عمدًا تصويرها من أصل عرقي مختلط لعكس النظريات حول السلالة المصرية المحتملة لكليوباترا والطبيعة المتعددة الثقافات لمصر القديمة".

ومن وجهة نظر الكثير من المتابعين فإن فيلم "كليوباترا" على يوتيوب قد يعتبر ردًّا قويًا على مسلسل نتفليكس الوثائقي، ولكن لا يمكن مقارنة الوصول العالي للمنصة العالمية مقابل نسبة وصول فيلم "وثائقي" ضئيل الميزانية على منصة يوتيوب، ليصبح اقتراح زاهي حواس بإنتاج مسلسل وثائقي بشكل احترافي هو الشكل الأمثل لتقديم وجهة النظر الأكاديمية في أصل كليوباترا.

اقرا أيضا :

انضم الى قناتنا على تيليجرام